الطريق إلى القبّة : رحلة عودة نائب إلى قريته ليحجر تذكرة الرجوع إلى البرلمان مجددا (الحلقة الخامسة)

0 46

telechargement-6

مشاهد من رحلة عودة نائب إلى قريته ليحجر تذكرة الرجوع إلى البرلمان مجددا.. الحكاية في حلقات
مشهد 9

 

يلبس السيد النايب مسوح الضحية.. يعجبه هذا الدور.. يقتنع أنه وجد الحل السحري.. وجد الطريق نحو قلوب أهل القرية.. سيعزف على وتر العاطفة.. سيحرك فيهم حميتهم.. يدفعهم إلى حمايته.. إلى دعمه.. تقوية موقفه.. تعزيز مكانته في القرى المجاورة.. تتضح استراتيجيته الخطابية.. يقتنع بفاعليتها ونجاعتها.. يبدو له النجاح .. يلوح له الكرسي الوتير في الأفق البعيد.. تبتسم له شوارع العاصمة.. ترحب بعودته بالطبول والزغاريد.. يضحك.. يفرح.. يكبر حماسه.. يستعد إلى تحويل الحلم واقعا.. إلى استعادة حقه المشروع..

يقرر المواجهة..  يشحذ لسانه..يمدده ..يسطحه..يستعد لخطابات عصماء..يتصور نفسه معتليا منصة الخطابة.. يخطب في حشد عريض من الأنصار.. يتخيل هتافاتهم وأناشيدهم.. يصيح بأعلى صوته داخل سيارته السوداء.

  • إنني عائد إليك أيتها القبة السعيدة.. راجع إليك يا مقعدي الوتير..

ينتبه إلى صراخه.. يستفيق من حلمه.. تساوره الشكوك مجددا.. يتزعزع اقتناعه بقدراته الخطابية.. يشك في جدوى الخطابات الجماهيرية.. في التجمهرات العمومية.. في التدخلات التلفزية.. في كل مؤثتات الحملات الانتخابية.. يفقد ثقته في آليته الخطابية.. يقرر اللجوء إلى خطة بديلة..يترجل البطل الأسود.. من سيارته السوداء.. يحمل حقيبته السوداء.. يتجه نحو المقهي القريب..

مشهد 10

يجتاز السيد النايب عتبة المقهى.. يزيل نظارته السوداء.. تحيط ظلال التعب بالجفون.. يجيل النظر في زوايا وأركان المكان.. كراس متآكلة.. تحمل أجسادا منهكة.. يضع بسمة بلهاء على ملامحه الباردة.. يتابعه الزبناء.. تستنشق أنوفهم دخان السيجار الكوبي.. تتسمر أعينهم على الحقيقبة السوداء المكتنزة.. تحاول اختراقها.. استكناه دواخلها.. يتجه السيد النايب نحو طاولة في عمق المقهى.. يهرول النادل نحوه.. يقدم إليه كرسيا خشبيا.. كرسيا يستطيع تحمل الجسد البدين..

يجلس السيد النايب.. يتأكد من صلابة الكرسي.. يضع الحقيبة أمامه.. يطلب كأس شاي منعنع.. عادة قديمة منسية. يأمر النادل بإرواء عطش الزبناء.. يململون رؤوسهم عرفانا.. ينهض أحد الزبناء.. يبدو أكثر حيوية.. يتجه نحو السيد النايب.. يصافحه بحرارة.. يتذكر النايب ملامحه.. يطلب منه الجلوس..

  • أهلا بعودتك إلى أهلك وذويك.. قريتك في شوق كبير إليك.. الكل فرحون بعودتك..
  • شوقي أكبر وحنيني يفوق كل الحدود.. اللوم على الانشغالات البرلمانية والحزبية والدبلوماسية الموازية..
  • نحن فخورون أن لك مكانا هناك.. بين الكبار..

ينظر الزبون إلى المحفظة.. يبتسم.. يواصل حديثه:

  • نحن مستعدون لإرجاعك إلى القبة من جديد.. القرية كلها بين يديك.. أمرك..

ينهض السيد النايب.. يمسك حقيبته.. يرمي ورقة زرقاء إلى النادل.. يطلب من الزبون مرافقته.. تنطلق السيارة السوداء..

يتبع…

د محمد طروس

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.