الطريق إلى القبّة : رحلة عودة نائب إلى قريته ليحجر تذكرة الرجوع إلى البرلمان مجددا (الحلقة السابعة)
مشاهد من رحلة عودة نائب إلى قريته ليحجر تذكرة الرجوع إلى البرلمان مجددا.. الحكاية في حلقات
مشهد 13
يقترب السيد النايب من الآخر.. يقر بهزيمته ..يتوسل بعينين ذابلتين.. يلح في خشوع:
- قل من فضلك.. ما الحل؟ هل من سبيل سالك نحو القبة؟ لقد فشلت كل خططي.
- ألا تلاحظ أنك تحاول أن تأخذ كل شيء بالمجان؟
يلتقط النايب الإشارة.. يخرج الحقيبة.. يفتحها.. يستخرج حزمة من الأوراق الزرقاء.. يشتري الاستشارة.. يبتسم الآخر.. يمس الأوراق الناعمة.. يشم رائحتها.. يتأمل لونها الجميل.. يرفع رأسه نحو النايب.. يعلق:
- هنيئا.. ها أنت تخطو أول خطواتك نحو .. القبة..
- هذا هو الحل إذن؟
- إنها الزرقالاف
- الزرقالاف؟
ترعد سماء القرية.. تبرق.. تهب عاصفة شديدة من الأصوات الحماسية:
- زرقالاف .. لاف لاف.. لاف .ففف
يرتعش جسد السيد النايب.. يتحسس حقيبته.. تتراءى له القبة من بعيد متلألئة.. غامزة .. مشجعة.. يتردد
- تعني شراء أصوات وذمم الناخبين.؟ لا. أمر يناقض مبادئي.. لن أهين كرامتهم..
- أيها السيد.. أيها النايب.. لا كرامة مع الجوع.. مع البؤس والحرمان.. دعك من كلام قنوات القطب العمومي.. الكرامة هي الزرقالاف.. غذاء أسبوع كامل.. وبعدها الجوع.. لخمس سنين.. في انتظار انتخابات قادمة.. كم نتمنى أن تكون الانتخابات كل سنة.. كل شهر.. كل أسبوع.. هكذا نضمن كرامتنا..
يقتنع السيد النايب.. يرغم على الاقتناع.. ليس أمامه إلا الانصياع.. فتح الحقيبة.. الخطة البديلة..
مشهد 14
يفتح السيد النايب الحقيبة السوداء.. يشرعها.. تتراقص الرزم الزرقاء.. ينبهر المستشار.. يسيل لعابه.. تلمع عيناه.. يراقبه النايب.. يحتاط من حماسه المفرط.. يغلق الحقيبة بحركة لا إرادية.. يضعها في صندوق السيارة.. يبادره المستشار:
- أرى أنك مستعد بما فيه الكفاية..
- كل شيء ممكن.. كل شيء يهون.. إلا أن أحرم من المقعد الوتير..
- إذن نويت الهجوم.. نويت التبضع.. اقتحام سوق الأصوات..
- لا مناص من ذلك.. لدي ما يكفي من الزقاوات.. بطاقاتي البنكية.. دفاتر شيكاتي.. هههه
- لن تفيدك إلا الزوقاوات..كخ كخ كخ.. لكن هل خبرت السوق؟ .. السوق متقلب.. خطير.. السوق شطارة ودراسة.. مراوغات.. فخاخ منصوبة.. مقالب وأوحال.. هل تعرف البضاعة التي تريد؟
- طبعا.. الحصول على أغلبية الأصوات.. إن لم تكن كلها..
- كيف أيها الطماع الجشع؟
- سأجول في الأزقة.. أدق على البيوت.. أتعامل مع المواطنين.. أشرح برامجي ونواياي.. ملفوفة في أغلفة زرقاء..
- وستبادلهم طبعا فاكهة الهندي.. وكؤوس الشاي..؟
- هكذا يفعلون.. هكذا أتمكن من التأثير والإقناع..
- خطة ساذجة.. جاهلة بطبيعة السوق، بتنظيمه، بتنوع بضاعته.. ستخسر كل حسناواتك الزرقاوات.. وتعود إلى الرباط مهزوما مكسور الوجدان..
يبتلع السيد النايب ريقه.. تنط في رأسه نهاية قارئة الفنجان.. يخاف أن يطارد خيط دخان.. يستسلم لحصار المستشار.. يصغي السمع متلهفا..طائعا..
- تريد خطة فعالة؟.. تريد الخروج من السوق سالما غانما؟.. أريد عشرة في المائة من العمليات التسويقية عمولة وأتعابا..
يدير السيد النايب الطلب في رأسه.. يحاور .. يفاوض.. يخفض النسبة قليلا.. يتفق.. ينصت إلى الخطة.. تدخل الخطة حيز التطبيق..
يتبع…
محمد طروس