الفنان عبد العالي بنشقرون يشعل وهج الخط في التجريد
صوت الحقيقة / د. محمد البندوري
إن التجربة الفنية الغنية للفنان عبد العالي بنشقرون قد قادته إلى إبداع عوالم تشكيلية خطية جديدة طرحت أعماله في سياق تعدد الرؤى التجريدية /الخطية، فهو قد شكل من التجريد بؤرة لتشكيل الحروف داخل الفضاء اللوني وفق وهج فني متعدد الدلالات، وهو إنجاز يمتح من التعبير بالثنائيات: الحرف والتجريد قيمة مضافة في الحقل الفني، وهو في الآن نفسه ينم عن تجربة عالمة من حيث عمليات التوظيف الحروفي، ومن حيث سياقات التجريد وأيضا من حيث تدبير المجال الجمالي فيما يخص تناسق الألوان وعمليات زرع الحروف ليروم بذلك التجاور والتمازج والتماسك، وليصنع حيزا مهما من التوازن بين كل العناصر المكونة لأعماله الحروفية والتجريدية المندمجة، وينتج نوعا من التنغيم والتكامل والانسجام. إنه مسلكه الحروفي التجريدي الجديد، الموسوم بطابع التعبير برؤية تتخطى المجال الكلاسيكي وتروم أسلوبا يتفاعل مع كل الأنساق الجمالية بتوظيفات خاصة، بوجدانية وواقعية إيحائية، تدعم القوة التعبيرية المعاصرة. ولا شك أن استحواذ التجريد على بعض الحروف داخل الفضاء يجعل منه بؤرة أساسية لإنتاج مادة فنية جديدة وفق بناء فني يعضد القوة التعبيرية للحرف وللون وهي مكونات أسلوبية ذات قيمة فنية تكتنز مجموعة من الجماليات التي تحمل العديد من الدلالات البصرية. وبذلك، فإن هذا الأسلوب الإبداعي الجديد في منجز الفنان عبد العالي بنشقرون يقتحم الفضاءات الفنية المتجددة ويقتحم العوالم الحروفية الإبداعية الجديدة.
بجرأة الفنان المتجدد مما يجعله يبني أعماله الإبداعية وفق تقنيات جديدة توصل إليها بتجربته في الأسلوب التجريدي ثم بأسلوب حروفي متنوع المرامي وبأسلوب يحاور في ذه مجال الخط وفق رؤاه التعبيرية، ووفق أدوات فنية تغير المألوف وتتجاوز المستهلك، فهو يمزج الألوان بالحروف ويوظفها بجماليات ذات دلالات ومعاني، وبتقنيات عالية وبمنهجية فنية جديرة بالاهتمام، مدرجا أشكال الحروف المتنوعة في الألوان والطلاءات الصباغية التي ينتج منها مادة تعبيرية، مما يجعل أعماله تتخذ أبعادا فنية وفكرية وثيقة الصلة بالحوار في أبعاده الهادفة. فتصوراته للأشكال الهندسية للحروف ولبناء الفضاء تتخذ بعدا فنيا عميق الدلالة، تتراءى في المساحات التي تحيط بها مختلف الخطوط والأشكال التعبيرية المنفتحة، تجمع بين الحروف والأشكال المستحدثة، وهي تشكل في مجموعها مفردات فنية متباينة ووحدة قائمة على مقومات إيجابية للعمل التجريدي الحروفي، الذي يشكل جذبا للبصر، وفق أنساق متناغمة مع كل العناصر التشكيلية في المزاوجة بين اللون والشكل والحرف،. ولعل رشاقة الحروف وحركياتها ومطاوعتها تجعل الفنان عبد العالي بنشقرون يأخذ حيزا فنيا ليشكل منها أداة للتعبير داخل النسيج الإبداعي التجريدي الذي يشتغل عليه، لينتج من ذلك جماليات وقيم تعبيرية صرفة.
إن أعماله تشكل نتاج قفزة فنية جديرة بالمتابعة، تتبدى فيها اجتهادات نابعة من تجربة المبدع ومن معارفه الفنية وثقافته الموسوعية.