المغرب أكثر دول العالم حروبا. يخوض في العام الواحد أكثر من عشرين حربا. وكل حكومة لها استراتيجيتها في خوض هذه الحروب اليومية.
شوف .. واسكت
صوت الحقيقة .. عبد الوافي حراق
بمجرد اطلاعك على البرامج الحكومية والسياسات العمومية للدولة المغربية، ينتابك شعور أن المغرب يعيش حالة الطوارئ والحروب. ففي كل قضية من القضايا الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والتنموية وغيرها، إلا وتجده يعلن الحرب لمواجهتها والقضاء عليها. حروبا معلنة هناك وهناك. ومحاربة في شتى الاتجاهات والمجالات. ها محاربة الأمية، ها محاربة الغش، ها محاربة الفساد، ها محاربة السيدا ها محاربة الرشوة، المواطن مسكين كثرت عليه الحروب .. ما بقى يعرف راسو واش في السيفيل ولا في العسكر. واحد المواطن غيور لاباس عليه .. سمع نداء الحكومة حول محاربة الفقر، فاستجاب لها على الفور ، فأمسك عصا غليظة بيده، وفين ما بان ليه شي فقير ينزل عليه الراس، ولما سولوه علاش ضربت هاد الفقير المسكين، قال ليهم كنحارب الفقر.
الحكومات في أروبا وعند الدول المتقدمة، يحاربون الفقر عن طريق إيجاد فرص الشغل والقضاء على البطالة، وتوفير الخدمات الاجتماعية والبنيات التحتية، وفتح آفاق الاستثمار وتنمية الموارد البشرية، وتوفير خيارات متعددة لمواطنيها. وحكومتنا المغربية ذات القلب المرهف، تعتمد في محاربتها للفقر، على سياسة الإحسان وتوزيع الصدقات على الفقراء. وتقول لهم : يكفيكم هذا. (الواحد هو لي يقنع باش ما قسم الله)
خاصة في ظل هذه الحكومة الحالية، حكومة الفقهة والطلبة. التي لا تتقن إلا فن الدعاء ورفع الاكف إلى السماء. لعلها تمطر ذهبا. لمعالجة المطالب الاجتماعية. حيث حولت صناديق الاستثمار والتنمية لمحاربة البطالة والفقر، إلى منح وصدقات خيرية لترسيخ سياسة السعاية والطلبة. واستهداف الفئات الأكثر تضررا اجتماعيا، كالأرامل والمطلقات واليتامى والأسر المعوزة. عن طريق توزيع القفة والملابس والحريرة والنظارات وحملات الاعذار والختان… وذلك لجلب أكثر عدد من المريدين والأتباع.
فمحاربة الفقر أو الأمية أو الرشوة أوالفساد وغيرها من الآفات الاجتماعية، تقتضي وضع سياسات حقيقية، واتخاذ تدابير عملية قابلة للتحقيق وفي متناول الشعب المغربي، وتوفير آليات الاقتصاد والاستثمار، وتشجيع المقاولات والمهن والخدمات، و دعم الأنشطة المدرة للدخل الذاتي وتأهيل العنصر البشري والتعليم وقطاع الصحة، وضمان قضاء نزيه ومحاكمات عادلة، وحماية حقوق الإنسان وصيانة كرامة المواطن. وغيرها من مقومات ودعائم الدولة الحديثة.
وليس خوض غمار محاربة المظاهر الاجتماعية المزرية، والقضايا المجتمعية الصعبة، باسلحة الشعارات الزائفة ،وقنابل الوعود الكاذبة، وسياسة دوبل فاص أو بصالح العبارة اعطي وجه الغني ووجه للفقير. كما هو الشأن في التعامل مع العديد من الملفات المطلبية وقضايا الحراك الاجتماعي. وعلى رأسها “المقاطعة”.
كما أن محاربة الفقر تقتضي ربط المسؤولية بالمحاسبة، و مساءلة أصحاب الثروة والجاه. من أين لك هذا؟ .. وليس محاربة الفقر هي إعطاء الفقير جبانية الحريرة. ونقول له : يكفيك هذا.
وحقيقة الله يكون في عون الشعب. رجال الاقتصاد ومالين الشكارة، يجعلونه هدفا للاستهلاك واستنزاف جيوبه. ورجال السياسة وعلى رأسهم أصحاب الاسلام السياسي، يضعون على عينيه نظارات خضراء، حتى تبدو له الحياة جنة خضراء، تجري من تحتها الأنهار. وما عليه إلا .. يشوف ويسكت.
ع. الحراق.