المغرب: الحكومة تنفي تهديد المقاطعين بالسجن وحزب معارض يصف موقفها بـ«الردة السياسية»

0 118

صوت الحقيقة

تستمر تداعيات التصريح الصحافي الذي أدلى به الوزير الناطق الرسمي باسم الحكومة المغربية، الخميس المنصرم، عندما هدد بمقاضاة مروّجي الأخبار الزائفة حول وضعية المواد الاستهلاكية وأثمانها، إذ أوضح المسؤول المذكور ـ في تصريح صحافي جديد ـ أن الحكومة لم توجه أي تهديد لمقاطعي منتجات استهلاكية، وإنما تشدد على أن القانون يفرض غرامات على مروّجي الأخبار الزائفة بسوء نية، ولا يعاقبهم بالسجن. بينما أعرب حزب سياسي معارض عن استنكاره ردة فعل الحكومية، معتبراً أنها «ردة سياسية» تضرب الحقوق والمكتسبات في الصميم.
ففي حوار مع صحيفة «العمق» الإلكترونية، أكد الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالعلاقات مع البرلمان، الناطق الرسمي باسم الحكومة، مصطفى الخلفي، على أن ترويج عدد من المنابر الإعلامية بكون الحكومة هددت المقاطعين بأنها ستُقاضيهم بسبب انخراطهم في حملة المقاطعة ضد عدد من المنتجات، هو أمر يندرج أيضا ضمن «الخبز الزائف»، مؤكداً أن الحكومة لم يصدر عنها أبداً أي تهديد من هذا القبيل.
وأوضح أنه لم يصرح أبدا بأن الحكومة ستعمل على مقاضاة المقاطعين، مبرزاً أن التصريح كان واضحا وتحدث من خلاله على أن ترويج الأخبار الزائفة التي من شأنها أن تضر بالاقتصاد الوطني هو أمر مخالف للقانون ولا يمكن القبول به.
وأشار الناطق الرسمي باسم الحكومة إلى أنه لا يوجد في القانون أصلاً ما ينص على أن ناشر الأخبار الزائفة سيعاقب بالحبس، مبرزاً أن ما يتضمنه القانون بخصوص ترويج الأخبار الزائفة بسوء نية هو الغرامة، مؤكداً أن الحكومة لم توجه أي تهديد للقاطعين، حيث تعتبر أن المنخرطين في هذا الفعل يندرج في إطار حرية الرأي والتعبير، وهو ما أمر لا يمكن للحكومة المساس به.
واعتبر الخلفي أن الترويج لكون الحكومة تهدد المقاطعين بالحبس هو أيضا «خبر زائف» يندرج ضمن كم الأخبار الزائفة التي يتم الترويج لها خلال الفترة الماضية، مشيراً أن الحكومة لم تتحدث مطلقا عن متابعة أحد بسبب المقاطعة، بل نبّهت فقط إلى أن الترويج لبعض الأخبار الزائفة بخصوص حملة المقاطعة هو تذكير فقط بمقتضيات القانون وليس فيه أي تهديد لأحد.

التصعيد والترهيب

في المقابل، أعلن خالد أدنون، الناطق الرسمي لحزب «الأصالة والمعاصرة» (المعارض) أن الحزب يتابع بكل اهتمام تفاعل الحكومة وردة فعلها اتجاه المطالب الاجتماعية للمواطنات والمواطنين. وأضاف أنه عِوَض أن تدافع الحكومة عن القدرة الشرائية للمغاربة وتتدخل لحمايتها خاصة ونحن على أبواب شهر رمضان، وتعمل على إقرار المنافسة الشريفة وإعمال مؤسسات الحكامة، للأسف اختارت التصعيد وضرب المكتسبات الدستورية والحقوقية التي راكمتها بلادنا خلال ما يقارب العقدين، وخدش صورتها وسمعتها بالخارج.
وعليه، يضيف الناطق الرسمي لحزب «الأصالة والمعاصرة»، فالحزب يستنكر بلاغ الحكومة ويعتبره ردة سياسية، تضرب في الصميم الحقوق الاقتصادية والاجتماعية لفئات واسعة من الشعب المغربي، وتجهز على المكتسبات الحقوقية وخاصة الحق في التعبير.
وشدد أدنون على أن الحكومة ببلاغها الأخير وتبريراتها الواهية ووعيدها، تحاول إخراس صوت الاحتجاج الذي انتفض ضد سياساتها اللاشعبية، وتؤكد فشلها في التواصل مع المواطنات والمواطنين، وعدم قدرتها على تدبير الأزمة والاحتجاجات الاجتماعية كما وقع من قبل في عدة مناطق.
وأكد الناطق الرسمي وقوف حزب «الأصالة والمعاصرة» إلى جانب مصلحة الوطن والمواطن ودفاعه، من مختلف المواقع، عن مكتسبات وحقوق مختلف فئات الشعب المغربي خاصة تلك التي هي في أمس الحاجة للحماية، وفِي التعبير عن رأيها بكل حرية، وبلا ترهيب ولا تخويف.

احتواء الوضع

وفي محاولة استعجالية لاحتواء الوضع، أقدم سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة المغربية، على دعوة ناشري بعض الصحف الورقية والمواقع الالكترونية، والالتقاء بهم، بعد تصريحات الناطق الرسمي للحكومة مصطفى الخلفي الأخيرة.
ونقلت صحيفة «فبراير» الإلكترونية عن «مصادر مقربة» قولها إن اجتماع العثماني في بيته جاء لتبليغ ناشري الصحف والمواقع، بالموازنة في التعليق وتغطية حملة المقاطعة، وأبلغ الناشرين أنه وقع على «رسالة تنديد» موجهة للقناة الثانية، معبراً عن استيائه لتغطية القناة لحملة المقاطعة وإشاراتها للشركات التي تعرّضت للمقاطعة بالاسم.
وكان مصطفى الخلفي قد قال إنه يتم الترويج لمزاعم غير صحيحة، قد تلحق خسائر كبيرة بالفلاحين وبالاقتصاد الوطني، مبرزاً أن من شأن استمرار المقاطعة تعريض الفلاحين بالخصوص لخسائر جسيمة.

استعطاف «المغاربة العقلاء»

وبخلاف لغة التهديد والوعيد والترهيب، اختار وزير آخر في الحكومة المغربية أسلوب الاستعطاف ومناشدة المواطنين المغاربة، المقاطعين منهم بالخصوص، ففي أول تصريح إعلامي له بخصوص هذا الموضوع، قال مصطفى الرميد، وزير الدولة المكلفة بحقوق الانسان، تعليقا له على المقاطعة التي شملت ثلاث علامات تجارية، «أستعطف  المغاربة بالابتعاد عن مقاطعة الحليب والخوض في بقية المنتجات»، موضحا «أن استهداف مقاطعة الحليب خصوصا الماركة المقاطعة سوف يلحق الضرر بالفلاحيين الصغار».
جاء ذلك خلال استضافة المسؤول نفسه في برنامج «90 دقيقة للإقناع» على قناة «ميدي1 تي في». وأضاف أن حملة المقاطعة تصادفت مع وقت الذروة في إنتاج الحليب، أي فصل الربيع، وبالتالي يكون الإنتاج خصبا في هذا الفصل، موضحا أن الأبقار لا تنتج الحليب على مدار الساعة.
وأكد مصطفى الرميد على ان الحليب مرتبط بالفقراء والضعفاء، داعيا المغاربة لتجنب مقاطعة الحليب قائلاً: «أرجو من المغاربة العقلاء الابتعاد عن مقاطعة الحليب فقط، فليخوضوا في بقية المنتجات».
من جهة أخرى، دعا عبد العزيز الرماني (الخبير المغربي في الاقتصاد الاجتماعي والتضامني) الحكومة المغربية إلى نهج سياسات جديدة، تركز بالدرجة الأولى على مصالح المواطن المغربي، مع مراعاتها لقدرته الشرائية.
وتحدث الرماني في تصريح لصحيفة «برلمان» الإلكترونية عن وجود مجموعة من التحديات التي تساهم في تأجيج الوضعية الاجتماعية بالمغرب، واحتقان ظروف العيش بالمغرب، ولا سيما ارتفاع الأسعار وغلاء المعيشة.
وأوضح أن اللجوء إلى تحرير الأسعار خطوة مغلوطة تنعكس بشكل سلبي على المواطن المغربي، الأمر الذي يحتم على الحكومة نهج سياسات جديدة، تخدم بالدرجة الأولى المصالح الأولية للمواطن المغربي، مع مراعاتها لقدرته الشرائية.
وشدد في الصدد نفسه، على أن ارتفاع فواتير الكهرباء والماء، إلى جانب المنتجات الغذائية هو الأمر الذي يكون سبباً مباشراً في احتقان الشارع المغربي والخروج في الاحتجاجات التي تنتفض ضد الحكومة، الأمر الذي يقتضي تبني مجموعة من المقاربات الملموسة في أفق تجاوز هذه الإشكالات. كما أشار تأزم الاقتصادي هو الأمر الذي ينعكس بشكل مباشر على الجانب الاجتماعي.
وتابع قولهك «يتوجب على الحكومة اتخاذ مجموعة من الإجراءات والتدابير الرشيدة، وهو الأمر الذي يجب ينطبق على حملة المقاطعة التي شملت مجموعة من المنتجات الغذائية، الأمر الذي يحتم على الحكومة نهج أسلوب التفاعل والتواصل مع المواطنين المغاربة».
وأوضح أن محاربة المحسوبية والزبونية، في مقابل تشجيع التنافسية على مستوى مختلف الأصعد في المجتمع المغربي هو المبدأ الأساسي الذي يتوجب على الحكومة التسلح به، في أفق تجاوز الاحتقان الاجتماعي الناتج عن ارتفاع أسعار وتكاليف المعيش اليومي، مما قد يعجل بفشل الحكومة الحالية أو استقالتها.

متابعة

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.